معركة المقطع 1835م “مجدٌ عندنا مأساةٌ عندهم”
تعبتر معركة المقطع من أشهر المعارك التي خاضها الشعب الجزائري بقيادة الامير عبد القادر ضد فرنسا وعمره لم يتجاوز الـ 26 سنة انتهج فيها إستراتيجية جديدة في الحرب لم يعهدها المقاتلون الفرنسيون من قبل ويحصي الجزائريون عدد قتلى معركة المقطع بـ 500 قتيل في الجانب الفرنسي.تعتبر معركة المقطع من أبرز المعارك التي حقق فيها الأمير انتصارا عظيما ضد الجنرال تريزال.
أسباب المعركة:
في 18 جوان 1835 غادر الجنرال تريزل قائد حامية وهران مجتازا أراضي الأمير بجيش قدر بـ 5000 عربة لنقل الزاد من 07 مدافع قاصدا تخويف القبائل والضغط على الأمير، لكن بوصول الخبر الى الامير جهز كتيبة من معسكره تتكون من 2000 فارس و1000 من المشاة وباشر في مراقبة العدو، إضافة إلى عدد من المتطوعين واقتضت خطته تقديم فرقة الخيالة المتكونة من 2000 فارس للف الجيش الفرنسي ووضع الأمير لنفسه قيادة مؤخرة جيش المشاة واستقر بغابة الزبوج المقیتلة.وفي يوم 27 جوان أرسل تريزل للأمير شروطه من أجل إعادة السلام معتقدا أنه كسب المعركة واشترط عليه الاعتراف بالسيادة الفرنسية وتلقي الأوامر من ملك فرنسا. وفي انتظار الرد بلغه أن العرب قطعوا عليه طريقه إلى وهران فكر تريزل في أن يتجه إلى آرزيو ومن هناك عن طريق البحر إلى وهران.
انطلقت المعركة 28 جوان 1835م، وبدأت المشادات بهجوم قوات جيش الأمير على قوات الاحتلال الفرنسي بطلقات نارية من جميع الجهات، وكذاك قاموا بدحدحة الصخور من أماكن مرتفعة لزعزعة الفرنسيين وتشتيت شملهم وقطع الطريق فتراجعت قواتهم لفتح الطريق بصعوبة وأمام هذه الضغوطات الممارسة من طرف جيش الأمير من جميع الجهات أمر الجنرال تريزيل بعض القوات بفتح الطريق، ونتيجة لهذا التوغل تكبدت العساكر الفرنسية خسارة كبيرة حيث غرق في المستنقع “المقطع” جزء من مستشفى الميدان والمدفعية أما البقية فهربوا بخيولهم وتداخلت فيما بينها في فوضى عارمة أغتنمت قوات الأمير هذه الفرصة وانقضت على الفرنسيين وصاروا يقتلونهم ويقطعون رؤوسهم حتى أصبحت تلالا من الرؤوس .
وأمام هذا المشهد الرهيب انسحب تريزيل إلى مرفأ أرزيو طالبا النجدة من قوات وهران بقيادة المقدم لاموريسيار، واتجه جيش الأمير إلى معسكر حيث دخلها في 01 جويلية.
معركة المقطع 28جوان 1835م أو كما سماها الفرنسيون في كتاباتهم ب”مأساة المقطع”.
نتائج المعركة:
تختلف المصادر التاريخية حول نتائج المعركة كانت الحصيلة الكبيرة حوالي 800 جندي فرنسي قتيل. بينما هناك من يرى أن خسائر الجيش الفرنسي تراوحت بين 308 جريح و262 قتيل، ويرى البعض أن قوات الأمير عبد القادر غنمت الآلاف من البنادق.وكنتيجة لأهوال المعركة فقد الجنرال تريزيل عينه.
كان لمعركة المقطع صدى دولي خاصة لدى الرأي العام الفرنسي حيث اعترض البرلمان الفرنسي وانتقد الحالة التي يعيش فيها الجيش الفرنسي بالجزائر وطلب بتغيير القيادات، حيث قامت الحكومة الفرنسية بتعيين الجنرال كلوزيل حاكما عاما وتعيين الجنرال دارلانج خلفا لتريزيل بوهران.
وحسب العقيد كافينياك فإن معركة المقطع أظهرت للقوات الفرنسية وللجنرال تريزيل عدو يصعب قهره وتجب هزيمته ليتحقق التوسع ويستمر الإحتلال.
موقف الفرنسيين من معركة المقطع :
ويعتبرها الفرنسيون من أكبر الهزائم أثناء حملات احتلال الجزائر الأولى و أدت إلى الاعتراف بالأمير عبد القادر كقائد عسكري و بدولته في الجزائر و يعيدون الهزيمة لأخطاء تكتيكية و أدى بالجنرال لإعادة تنظيم القوات الرابضة في الجزائر ، وقد اعترف الدكتور أوهلمان - Uhlman - المستشار العام لمدينة معسكر بهذه الهزيمة النكراء التي مني بها الجيش الفرنسي بقوله : بمساعدتنا ودعمنا، فإن عبد القادر نسق ونظم جيشه النظامي، وقضى على رؤوس المتمردين من قبيلتي الدواير والزمالة ، ووجه قوته ضدنا تلك القوة التي كنا قد أعطيناه له ؟ وبدأت الأعمال العدائية التي انتهت في 28يونيو 1835 في معركة شنيعة و التي كانت واحدة من أكثر الأحداث المؤلمة في حروبنا في أفريقيا.لتترك معركة المقطع بصمة شرف في مسيرة معارك الأمير، إذ تعتبر من أشهر المعارك الضارية التي خاضها الأمير وعمره 26 سنة فقط، إذ يقوم بخطط عسكرية يحبكها واستراتيجيات حربية متجددة في كل معركة. وقد واجه الأمير عدة جنرالات كالجنرال كومت والذي تم تعويضه بالمرشال كلوزال. كل هذه الأسماء من الجنرالات الفرنسية التي وقفت في وجه الأمير أثبتت الهزائم النكراء التي تعرض لها الفرنسيون على يد عبد القادر الجزائري في معركة »غابة أزبوج« التابعة لغابة مولاي إسماعيل والتي أحصت فيها 500 قتيل في صفوف الجيش الفرنسي.فالأمير عبد القادر الرمز والعلم الشاب الذي كان يدير الحروب، وقف في وجه الإستعمار ويعتبر تاريخ 28 جوان 1835 في مسيرة الأمير الثورية نقطة انطلاق مرحلة طويلة في مسيرة الشعب الجزائري واصل الطريق إلى الحرية والإستقلال وذلك بعزيمة وإرادة فولاذية وما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة وبهذا دخل الأمير عبد القادر في ذاكرة الثورة ونقش اسمه بحروف من ذهب ليحمل من بعده المشعل عدة أسماء بارزة ضحت بالنفس والنفيس من أجل أن تحيا الجزائر حرّة مستقلة ليمضي الإستقلال بعد 132 سنة من الإستعمار بدماء اكثر من عشرة مليون ونصف المليون شهيد.